العصور المظلمة، المرتبطة غالبًا بنقص التقدم والازدهار، لم تكن خالية تمامًا من التطورات. تزدهر التقنيات الزراعية والبناء خلال هذه الحقبة، مما يؤدي إلى زيادة الثروة وبناء كاتدرائيات رائعة في أنحاء أوروبا. ومع ذلك، كانت تلك الفترة تعاني من عدم المساواة العميقة، حيث تركزت المكاسب الاقتصادية في أيدي النخبة. فيما نستعرض العام 2023، يجادل الاقتصاديان سيمون جونسون ودارون أكيموغلو من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا في أن السؤال حول من يستفيد من التطور التكنولوجي لا يزال قضية ذات صلة. في كتابهما الجديد “القوة والتقدم: نضالنا لمدة 1000 عام حول التكنولوجيا والازدهار”، يستكشفان التوزيع التاريخي للفوائد ويغوصان في الآثار الاقتصادية والسياسية المحتملة للذكاء الاصطناعي والأتمتة في الوقت الحاضر.
أكيموغلو وجونسون، المعروفان بتعاونهما السابق في مجال التقدم السياسي والاقتصادي، يسلطان الضوء على الفوائد الطويلة الأمد المذهلة التي جلبتها التكنولوجيا للمجتمع. يعترفان بأن البشرية قد قطعت مسافة طويلة، وأن التقدم العلمي والتكنولوجي لعبا دورًا حاسمًا في هذه الرحلة. ومع ذلك، يشددان أيضًا على أن المعاناة والقهر قد رافقت هذا التقدم على مر التاريخ، بما في ذلك الثورة الصناعية. يلفتان الانتباه إلى التحديات التي واجهها العمال في استفادتهم من زيادة إنتاجية ضخمة في ذلك الوقت. يؤكد الكاتبان أنه يمكن استعادة الازدهار المشترك من خلال إعادة تقييم النهج الحالي للتركيز المفرط على الذكاء الاصطناعي وضمان أن التكنولوجيا تظل مفيدة للناس دون أن تحل محلهم.
أكيموغلو وجونسون يعبران عن شكوكهما حول التطور الحالي للذكاء الاصطناعي، وبخاصة التركيز على تقليد الذكاء البشري. يجادلان في أن العديد من برامج الذكاء الاصطناعي، على الرغم من تصميمها لاستبدال العمل البشري، تفتقر إلى القدرة التكيفية والقدرات في حل المشكلات التي يتمتع بها العقل البشري. يؤكد الكاتبان أن الذكاء الاصطناعي يجب أن يعتبر أداة لتعزيز الإنتاجية الهامشية التي تدفع الشركات لتوظيف المزيد من العمال بدلاً من مجرد أتمتة المهام دون إضافة قيمة اقتصادية معنوية. يقترحان نهجًا بديلًا للذكاء الاصطناعي، حيث يدعوان إلى استخدامه كوسيلة لتمكين العمال وزيادة قيمتهم، لا سيما في القطاعات ذات الأجور المنخفضة مثل الرعاية الصحية المنزلية.
أكيموغلو وجونسون يلقيان أيضًا الضوء على الآثار السياسية للذكاء الاصطناعي. يسلطان الضوء على المخاوف المتعلقة بتقنيات المراقبة وأدوات التعرف على الوجوه وجمع البيانات وانتشار التضليل المعلوماتي. يلفت الكاتبان الانتباه إلى كيفية أن استخدام الذكاء الاصطناعي يمكن أن يؤدي إلى دوامات تعزز الذات، تفيد اقتصاديًا فقط عدد قليل من الأشخاص وتضعف المشاركة الديمقراطية الأوسع. لمواجهة هذه التحديات، يقترحان مجموعة متنوعة من السياسات، بما في ذلك حق المستخدمين على ملكية البيانات، وإصلاح الضرائب لتشجيع التوظيف بدلاً من الأتمتة، ودعم البحوث التكنولوجية المتقدمة، وتنظيم منصات الإنترنت لمواجهة نشر المعلومات المضللة التي تعتمد على الخوارزميات.
أكيموغلو وجونسون يهدفان إلى توسيع النقاش العام حول الذكاء الاصطناعي خارج قادة الصناعة. يدعوان إلى دراسة أعمق للوكالة البشرية والأولويات الاجتماعية والإمكانات الاقتصادية عند النظر في تأثير التكنولوجيا الجديدة. يشدد الكاتبان على أهمية النقاشات التي تركز ليس فقط على الابتكار التكنولوجي ولكن أيضًا على ما إذا كانت هذه الابتكارات تخدم مصالح الناس. يدعوان إلى مناقشات توجه التكنولوجيا نحو تحقيق نتائج أفضل ويؤكدان على ضرورة اتخاذ القرارات الجماعية لتوجيه التكنولوجيا نحو تعزيز الصالح العام.
“القوة والتقدم: نضالنا لمدة 1000 عام حول التكنولوجيا والازدهار” بقلم أكيموغلو وجونسون يحثنا على إعادة النظر في توزيع الفوائد في مواجهة التقدم التكنولوجي، وخاصة في سياق الذكاء الاصطناعي. يدعو الكاتبان إلى إعادة تقييم مسارنا الحالي، ويدعوان إلى التحول نحو استخدام الذكاء الاصطناعي الذي يعزز إنتاجية الإنسان، ويمكن العمال، ويحمي المشاركة الديمقراطية. من خلال توسيع النقاش العام والنظر في الأولويات الاجتماعية، يمكننا تشكيل التكنولوجيا لخدمة مصالح المجتمع بشكل عام وتحقيق الازدهار المشترك في عصر الرقمية.